ذكر الشهابُ العابر، في كتابه البدر المنير في علم التعبير:
أن الرؤيا قد تُرى لإنسان ويكونُ تعبيرها لغيره ممن تجمعهُ به علاقةُ قرابةٍ أو صداقةٍ،
فقال: وَرُبمَا لَا تكون لمن رؤيت لَهُ، لَكِن تكون لغيره من أَوْلَاده، أَو أَبَوَيْهِ، أَو أَقَاربه، أَو معارفه المتعلقين بِهِ،
ثم ضرب لذلك أربعةَ أمثلة فقال في
المثال الأول: كَرجلٍ رأى أَن أَبَاهُ احْتَرَقَ بالنَّار:
فَمَاتَ الرَّائِي، وَاحْتَرَقَ أَبوهُ بِنَار غمه." يعني أن الحالم رأى أن أباه قد احترق في المنام فكان تعبيره أن الولدَ الحالمَ هو الذي سيحترقُ في الواقع، فكثيرا ما يُعبر الأب بولده، لأنه رئيسه وأصله،
وقال في المثال الثاني : وكآخر رأى أَن أمه مَاتَت:
فتعطلت معيشته. لِأَنَّ أمه كَانَت سَبَب دوَام حَيَاته، كالمعيشة. يعني أن الحالم رأه أن أمه ماتت، فلم تمت الأم وإنما كان التفسير لنفس الحالم، وأنه ستتعطل معيشته ويُفصل من عمله، فعبر الشهابُ العابرُ الأمَّ بالعملِ والمعيشة والوظيفة التي تقوم بها حياته.
ثم قال في المثال الثالث: وكآخرَ رأى أَن آدم مَاتَ:
فَمَاتَ أَبوهُ. الَّذِي كَانَ سَبَب وجوده. فأوَّل الشهابُ العابر موتَ آدمَ في المنام بموتِ والدِ الحالم!
ثم قال في المثال الرابع: وَكَمن رأى أَن بَصَره تلف:
فَمَاتَ وَلَده، الَّذِي هُوَ قُرَّة عينه.عبر الشهاب العابر تلف العين وفقان البصر بموت ابن الحالمِ، لأن الابنَ قرةُ عينٍ لأبيه أراد الشهاب العابر بضرب هذه الأمثلة أن يؤكدَ أن الرؤيا قد تنتقلُ من شخص لآخرَ له علاقةٌ به، ويكونُ تعبيرُها لغيرِ من رؤيت له.
وبالأمسِ القريب
قال لي عقيدُ شرطة: رأت ابنتي أن رجلها قد انكسرت، فقلت له: هذه الرؤيا لك وليست لابنتك، فأنتَ رجلُها التي تعتمدُ عليها وقد تكسرَ خاطركَ وتكدرَ هذه الأيام، فقال لي هذا صحيح. وقبل ذلك اتصلت امرأة وقالت رأيت ولدي وعمره سنتان قد غرق في حمام السباحة، فقلتُ لها: زوجك قد غرق في المعاصي والشهوات، لأن الله يقول ((مما خطيئاتهم أغرقوا)) والغرق في المعاصي لا يليق بابنك، ولذلك نقلت الرؤيا لأبيه، فأكدت أن أباه يشربُ الخمر ويفعلُ كذا وكذا من المحرمات.
وذكر آخر أنه رأى في منامه أنه يقطع أمه بسكين حاد، فعبرتها بسفره وانقطاع أخباره، فنقلت الرؤيا من الأم للولد لأن الأم أصل الولد، والموتُ انتقالٌ من مكانٍ لآخر، وذلك يكون بالسفر، فأكد الحالم أنه بالفعل سيسافر قريبا!