يظن كثيرٌ من الناس أن المستخير لابد له أن يرى في منامه بعد صلاة الاستخارة رؤيا ترشده إلى الخير في الأمر الذي يستخير فيه. لذلك يحرص هؤلاء على أداء الاستخارة ليلاً ثم ينامون بعدها مباشرةً. لكن الظن بأن المستخير لابد أن يرى رؤيا ليس بصحيح.

الأدلة الشرعية

ليس هنالك دليلٌ شرعي يدلُّ على ضرورة رؤية الرؤيا بعد الاستخارة. ولذلك قال بعض العلماء:

“النوم بعد الاستخارة لعل المستخيرَ يرى رؤيا تدلُّهُ على أحد الأمرين: عملٌ لا أصل له.”

الحديث عن رؤية المستخير

كما أنه لا يستطيع أحد أن يجزم أن ما يراه المستخيرُ في منامه هو رؤيا. فقد يكون حديث نفسٍ لإنشغال تفكيرِهِ بما يستخير فيه. وفي هذا يقول ابن الحاج المالكي:

“بعضهم يستخيرُ الاستخارةَ الشرعيةَ ويتوقفُ بعدها حتى يرى منامًا يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه، أو يراه غيره له. وهذا ليس بشيء لأن صاحب العصمة صلى الله عليه وسلم قد أمر بالاستخارة والاستشارة، لا بما يرى في المنام.”

انشراح الصدر

لا دليل كذلك على أن المستخير يختارُ ما انشرحَ له صدرهُ. فقد ينشرح صدرُهُ لهوى في نفسِهِ قبل الاستخارة. كما أنه ليس في الحديث اشتراطُ انشراحِ النفس.

التفويض لله

حقيقةُ الاستخارةِ هي تفويضُ الأمرِ لله، حتى وإن كان العبد كارهاً لهذا الأمر. قال تعالى:

“وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ”

مشورة العلماء

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

“المعتمد أنه لا يفعلُ ما ينشرحُ به صدرُهُ مما له فيه هوىً قويٌ قبل الاستخارة.”

فالذي ينوي فعلَ أمرٍ ما عليه أن يتحرى وأن يسألَ وأن يستشيرَ فيه. فإن هم بفعله استخارَ فيه متجردًا من كل ميلٍ وهوى، ثم أقدمَ على فعلِ الأمر الذي همَّ به لقوله صلى الله عليه وسلم:

“ثم يحزم.”

أى أن يُقدمَ على فعلِ ما استخار فيه. فإن كان خيرًا يسره الله وإن كان شرًا صرفه الله.