الاحتلام: ظاهرة طبيعية
مقدمة
الاحتلامُ ظاهرةٌ طبيعيةٌ تحدث لجميع البشر، وتدور محتواها حول العلاقات الجنسية. تحدث بكثافة في مرحلة البلوغ، وتستمر في أي وقت من العمر بعد البلوغ. في الاحتلام، يخرج المنيُّ أثناء النوم وقد لا يخرج. وكثيراً ما يكون الاحتلامُ مصحوباً بأحلام جنسية، وقد لا يكون. تختلف كميته من شخص لآخر لأمور متعددة، وأحياناً يستمرُ الاحتلامُ لأشهر بل لسنوات، مما يرهق الشخص. وقد تكون لهذا علاقةٌ ببعض أنواع الطعام والشراب، وربما كان الاحتلامُ في بعض حالاته تنفيسًا عما تكتنزه النفسُ من إثارةٍ جنسية أو ضغوطٍ نفسية.
أهمية الاحتلام
الاحتلامُ يساعد الجسمَ على التخلص من النشاط الهرموني الزائد. تؤكد المصادرُ الطبية أن الاحتلام ليس أمراً يدعو للقلق أو الخوف، بل هو ظاهرة طبيعية تطرأ على الجميع. بل هو من نعم الله عندما يحتاج الجسم إلى إخراج المني وإلا حصلت له بعض الأضرار. الاحتلامُ حالة أودعها الله تعالى لدى الإنسان ذكراً كان أو أنثى.
نظرة شرعية
الاحتلامُ ليس دليلاً على نقصٍ في الدين، ولا علامةً على وجود الانحراف. ولا ينبغي الشعورُ بالذنب تجاهَ الأحلام الجنسية، إذ هو ظاهرةٌ طبيعية ونشاطٌ دماغيٌ غيرُ واعٍ، ولا يسهل التحكم فيه. ومن رحمة الله تعالى بنا أنه لا يؤاخذنا بما نراه في نومنا من أحلام وخيالات؛ إذ القلمُ قد رُفع عن النائم حتى يستيقظ.
علامات البلوغ
ومتى احتلمَ الشخص اعتُبر بالغاً؛ بمعنى أنه بلغَ سن التكليف الشرعي. فالاحتلام واحد من علامات البلوغ، التي يشترك فيها الذكرُ والأنثى. وقد أوجب الشرعُ فيه الغسلَ على المحتلم، ذكراً كان أو أنثى، إذا وجد الماءَ على بدنه أو ملابسه. وأما إذا احتلم الرجلُ أو احتلمت المرأة، ولم يوجد الماءُ فلا غسل.
حالات الاحتلام
- حالة 1: قد يرى رجلٌ في منامه حلمًا جنسيًا ويشعرُ أنه أنزل، وعند استيقاظه يذكرُ الحلمَ لكنه لا يجد بللاً في ثيابه، فلا غسل عليه.
- حالة 2: قد يحتلمُ شخصٌ ولا يذكر أنه احتلمَ بعد استيقاظه لكنه يجد المنيَّ في ثيابه، فعليه الغسلُ.
الأدلة الشرعية
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
“إذَا رَأَتْ الْمَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَعْنِي وَجْهَهَا وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟”
تأثير الاحتلام
الاحتلام لا يُفسد الصومَ باتفاق أهل العلم، فمن احتلم أثناء نومه وهو صائم فعليه أن يغتسل إذا رأى الماءَ، ولا إثم عليه، وليتم صومه.
الرؤى الجنسية
الاحتلام ليس له تفسيرٌ في الأعم الأغلب عند المعبرين. ذلك لأن الاحتلام إما أن يكون في بعض حالاته تنفيسًا عما تكبته النفسُ من ضغوط نفسية، وإما أن يكون من تلاعب الشيطان بالحالم كما يقول كثير من المعبرين.
خاتمة
إذا كان الاحتلام لا يمكن التحرزُ منه ولا قدرةَ للإنسان على دفعهِ، فلا ينبغي للمسلم أن يسترسل بعد الاحتلامِ في التفكير فيما حرمَ الله، أو أن يطلق العنانَ للتخيلات الجنسية.
اللهم اصرف عنا السوء والفحشاء .. واجعلنا من عبادك المخلصين.