الرؤيا والغيب

مقدمة

إن طبيعة النفس الإنسانية تشتاق إلى معرفة ما سوف يحدث لها في مستقبلها. ولكن الغيب وما سوف يكون في أيام الإنسان ولياليه مما استأثر الله تعالى بعلمه وحجبَه عن خلقهِ. قال تعالى:

{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}

الغيب من خصائص الله

فالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، وهو من خصائصه الربِّ وحده لا شريك له. وقد انخدع كثيرٌ من المسلمين بأبراج الحظ، وبمن يدعي معرفةَ الغيب من الكهنة والعرافين، مما يتطلب منهم الابتعاد عن هؤلاء. قال ﷺ فيما أخرجه مسلم:

“من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاةٌ أربعين ليلة”.

أهمية الاستخارة

حرّم الشرع إتيان هؤلاء وسؤالهم وتصديقهم، ولم يُؤذن لنا بطلب معرفة ما سوف يحدث لنا في المستقبل إلا عن طريقٍ واحدٍ شرعه لنا، وهو طريق الرؤيا. يقول ابن العربي:

“ولا يجوز لأحد من خلق الله أن يتعرض للغيب، فإن الله قد رفعه بعد نبيه إلا في الرؤيا”.

دلالات الرؤيا

  1. الرؤيا المبشرة:

    • قال ﷺ: “لم يبق من النبوة إلا المبشرات”، وقيل: “الرؤيا الصادقة جزء من النبوة”.
  2. الرؤيا من الله:

    • “الرؤيا الصالحة من الله”، وما كان من قبل الله فإنه لا يكذب، بينما ما يكون من حديث النفس ووسوسة الشيطان فإنه الذي يكذب، ومن ثم فليس له تعبير.
  3. دليل من السيرة النبوية:

    • في صحيح مسلم عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال: “إن الله تعالى لم يُبق من الأسباب الدالة على الغيب التي أذن في التعلق بها والاستدلال منها إلا الرؤيا، فإنه أذن فيها”.

الخلط بين الرؤيا والغيب

إن من الخطأ اعتقاد الكثير من الناس أن المعبرين للرؤى يدّعون معرفةَ الغيب، وهذا اعتقادٌ غلط. فالرؤيا أذن بها الإسلام وحث عليها، وما يقوله المعبرُ إنما هو ظنٌ وليس بيقين.

  • قال ابن سيرين: “إنما أجيب بالظن، والظنُّ يخطئ ويصيب”.
  • وثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ قال لأبي بكر: “أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا”.

أنواع الرؤى

  • حديث النفس: قد تعبر الرؤيا ما يعكس ما يدور في ذهن الشخص أو انشغاله بأمرٍ معين.
  • أضغاث الأحلام: بعض الأحلام قد لا تكون لها تعبير لأنها من حديث النفس أو وسوسة الشيطان.

الخلاصة

الرؤيا قد تدل على شيء ولم يقع ما دلت عليه، إما لكونها من الشيطان، أو من حديث النفس، أو من غلط العابر. ولذا يجب أن يُنظر إلى الرؤيا بعقلانية دون اعتبارها مقياسًا لما سيحدث في المستقبل.