لقد تعودنا على تخصيص الفقرة الأولى من كل حلقة في برنامح رؤيا في نور دبي لشرح حديثٍ من أحاديثِ كتاب التعبير من صحيح الإمام البخاري رحمه الله، وذلك للتعريف بمنهج أهل السنة والجماعة في تفسير الأحلام، ومعرفةِ الكثير من أصول علم التعبير وقواعده، والتفقهِ في الكثير من القضايا العلمية المتنوعة، و ها نحن قد وصلنا بفضل الله تعالى إلى الباب الأخير من أبوابهِ الثمانية والأربعين ، حيثُ يقول رحمه الله تعالى:
48 - بَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ
وكأن البخاريَّ يشيرُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَكُونَ تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا من بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وليس قبلها، فَإِنَّ حَدِيثَ الباب يدلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَعْبِيرِهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وذلك لِحِفْظِ الرائي لرؤياه لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِهَا، وَلِحُضُورِ ذِهْنِ الْعَابِرِ، ثم ساق البخاري بسنده المتصلِ أطولَ رؤيا رآها النبي ﷺ في منامه، واحتوت على مشاهدَ كثيرةٍ من الأهمية بمكان، فقال:
7047 - حَدَّثَنِي مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا » قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ ((وَفِي رِوَايَةٍ أَخْرَجَها أَبُو عَوَانَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمًا فَقَالَ هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا فَلَمْ يُحَدِّثْ أَحَدٌ بِشَيْءٍ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا فَاسْمَعُوا مِنِّي" كما أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا هِيَ حَقٌّ فَاعْقِلُوهَا" قال)): «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، ((وَفِي رِوَايَةِ: رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ)) وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي (( أي رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنّ الملَكين أَيْقَظَاهُ)) وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا،(( وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَانْطَلَقَا بِي إِلَى السَّمَاءِ)) وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي((أي يَسْقُطُ)) بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ،((أي فيكسرُ رأسَ الرجلِ المضطجع )) فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا((أي ينحطُّ الحجر مِنْ أعلى إِلَى أَسْفَلَ ))، فَيَتْبَعُ ((أَيِ الرجلُ القائمُ الَّذِي رَمَى)) الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ،(( وفِي رِوَايَةٍ:حَتَّى يَلْتَئِمَ وَعِنْدَ أَحْمَدَ عَادَ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ)) ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» ((أي أن الرجلَ القائم يضربُ رأسَ الرجلِ المُضْطَجِع بحجرٍ كبير، فيكسرُ رأسه، ثم يتدحرجُ الحجرُ فيتبعهُ الرجلُ القائم، ويأخذه ثم يرجعُ إلى الرجل الذي تكسرت رأسُهُ، فإذا رأسه قد التئم، فيكسرُ رأسَه بالحجرِ مرة أخرى، ويكرر ذلك مرات ومرات)) قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " ((وسيأتي أنَّهُ الرَّجُلُ الذي يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ)) قَالَ: " فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ،((والكَلُّوب حديدة في آخرها انحناء كتلك التي يعلق اللحم بها)) وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ،(( أَيْ يَقْطَعُ جَانِبَ فَمِه حتى يصلَ القطعُ إلى قفاه وَفِي رِوَايَةٍ فَيُدْخِلَهُ أي يُدخلُ الكلوب فِي شَقِّهِ فَيَشُقُّهُ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ فَيُدْخِلُهُ فِي شِقِّهِ الْآخَرِ)) وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ،(( أي يُدخلُ الكلُّوب في مَنْخِرَهِ ويقطعه حتى يصلَ إلى قفاه، ويُدخلُ الكلُّوب في عينهِ ويقطعُها حتى يصلَ إلى قفاه)) قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، ((وسيأتي أنه الكذاب فعقوبتُهُ بِمَحَلِّ مَعْصِيَته)) فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ((والتنور كالهرم، زَادَ في روايةٍ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ، وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يُوقَدُ تَحْتَهُ نَارًا)) فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ " قَالَ: «فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا»(( أَيْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ مُخْتَلِطَةً وَفِي رِوَايَةٍ فَإِذَا اقْتَرَبَتِ ــ يعني اقتربت النارُ من أسفلهم ــ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا ــ من التنور ــ فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا)) قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاَءِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " ((وسيأتي أنهم الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي)) قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ،(( وفِي رِوَايَةٍ عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ)) وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ ((أَيْ يَعُومُ ))، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ((أَيْ يَفْتَحُ الذي يسبحُ فمَه للرجل الذي على شطِ النهر)) فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ ((أي فتح له فمه)) فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " ((وسيأتي أنه آكِلُ الرِّبَا )) قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ،(( أَيْ قَبِيحَ الْمَنْظَرِ)) كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا ((أي يُوقِدُهَا)) وَيَسْعَى حَوْلَهَا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، ((وسيأتي أنه خازن النار)) فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ،(( أي شديدةَ الخُضرة)) فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ ((أي وسط الرَّوْضَةِ)) رَجُلٌ طَوِيلٌ،(( وفي روايةٍ طويلٍ قائم )) لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ “(( أي مَا رَأَيْتُ وِلْدَانًا قَطُّ أَكْثَرَ مِنْهُمْ)) قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا مَا هَؤُلاَءِ؟ ((، وسيأتي أنه الرجلَ هو إبراهيم)) " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ» قَالَ: " قَالاَ لِي: ارْقَ فِيهَا " قَالَ: «فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، ((اللَّبَنُ جَمْعُ لَبِنَةٍ وَهي مَا يُبْنَى بِهِا)) فَأَتَيْنَا بَابَ المَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ ((أَيْ من هَيْئَتِهِمْ)) كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ»(( أي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفَهُ حَسَنٌ وَنِصْفَهُ قَبِيحٌ وسيأتي أنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا)) قَالَ: " قَالاَ لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ " (( أي أُمروا أن ينغمسوا في النهر أو يوقعوا أجسادهم في النهر)) قَالَ: «وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي ((أَيْ يَجْرِي عَرْضًا)) كَأَنَّ مَاءَهُ المَحْضُ فِي البَيَاضِ، ((أَيْ كَأَنَّ مَاءَهُ اللَّبَنُ الْخَالِصُ)) فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، ((أَيْ صَارَ الشطرُ الْقَبِيحُ كَالشَّطْرِ الْحسن)) فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» قَالَ: " قَالاَ لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ " قَالَ: «فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا ((أَيْ نَظَرَ إِلَى فَوْقٍ وَقَوْلُهُ صُعُدًا أَي ارْتَفع كثيرا)) فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ»(( أي مثلُ السَّحَابَة الْبَيْضَاء)) قَالَ: " قَالاَ لِي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ " قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالاَ: أَمَّا الآنَ فَلاَ، وَأَنْتَ دَاخِلَهُ " ((وفِي رِوَايَةٍ فَقُلْتُ دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي قَالَا إنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ وَلَوِ اسْتَكْمَلْتَهُ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ ))قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ (أي يُكسر رَأْسُهُ) بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ، ((ورَفْضُ الْقُرْآنِ بَعْدَ حِفْظِهِ جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ فجُعِلَتِ الْعُقُوبَةُ فِي رَأْسِه لأن رفضَ القرآن والنَّوْمَ عن الصلاة متعمداً مَوْضِعُهُ الرَّأْسُ قالا:)) وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ ((أي يُقطع)) شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ،(( وفِي رِوَايَةٍ فَكَذُوبٌ يُحَدِّثُ بِالْكِذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعَ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” ((وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ التَّعْذِيبَ لِمَا يَنْشَأُ عَنْ تِلْكَ الْكِذْبَةِ مِنَ الْمَفَاسِدِ الكبيرة قالا)) وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، ((وَالْحِكْمَةُ فِي إِتْيَانِ الْعَذَابِ مِنْ تَحْتِهِمْ كَوْنُ جِنَايَتِهِمْ مِنْ أَعْضَائِهِمُ السُّفْلى، قالا)) وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الكَرِيهُ المَرْآةِ، الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ،(( وإِنَّمَا كَانَ خازنُ النار كَرِيهَ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً فِي عَذَابِ أَهْلِ النَّار قالا)) وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ ﷺ، وَأَمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ " قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «وَأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ،(( وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ ﷺ أَلْحَقَ أولادَ المشركين الذين ماتوا على الفطرة السوية بِأَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ قالا)) وَأَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ»
هذه هي أطولُ رؤيا رآها ﷺ في منامه، ختم بها البخاري كتاب التعبير، وقد اشْتَمَلَ كِتَابُ التَّعْبِيرِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ حَدِيثًا، وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَشَرَةُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.