شرح الحديث الثاني من باب الرؤيا من الله

الحديث

قال البخاري رحمه الله في كتاب التعبير من صحيح البخاري، الحديث رقم 6985:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ”.

شرح الحديث

أوضحَ النبيُّ ﷺ في هذا الحديث أدبين من آداب الرؤيا الصالحة:

  1. إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا.

    وقد روى مسلمٌ عن أبي قتادة حديثاً مشابهاً:

    “فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيُبْشِرْ، وَلا يُخْبِرْ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ”.

ثلاثة آداب نستفيدها من الحديثين:

  1. أن يحمد الله عليها.
  2. أن يستبشر بها.
  3. أن يتحدث بها لمن يحب.

الأدب الأول: حمد الله على الرؤيا

يستحب لمن رأى رؤيا صالحة أن يحمد الله عليها، حيث أراه الله رؤيا حسنةً طيبةً ولم يُره ما يخيفه أو يحزنه. الرؤيا الحسنةُ تبشر بنعمة قادمة، وحمد الله عليها يجلب المزيد من النعم، كما قال الله تعالى:

“ولئن شكرتم لأزيدنكم”
[سورة إبراهيم: 7].

فوائد الشكر

دراسات حديثة تؤكد أن الشكر يعزز السعادة ويقلل من الاكتئاب، كما يزيد من المناعة ضد الأمراض. وأثبتت تجارب العلماء أن الشكر يحفز طاقة الدماغ الإيجابية، مما يؤدي إلى زيادة الإبداع وتحسين الحالة النفسية والجسدية. الطلاب الذين يمارسون الشكر أظهروا تفاؤلاً أكبر واستقراراً نفسياً وصحةً أفضل.

الشكر في الإسلام

الإسلام سبق العلم الحديث بجعل الشكر جزءاً أساسياً من عبادة المسلم. يبدأ المسلم صباحه بالشكر لله قائلاً:

“الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور”.

كما يبدأ كل ركعة في الصلاة بقول:

“الحمد لله رب العالمين”.

بل جاء في الحديث:

“لا يشكر الله من لا يشكر الناس”
[رواه الترمذي].

الشكر في الحياة الزوجية

دراسات حديثة أكدت أن الشكر المتبادل بين الزوجين يزيد السعادة في الحياة الزوجية. النساء اللواتي يشكرن أزواجهن يعشن حياةً أكثر سعادة ويعمرن أطول، وكذلك الرجال الذين يشكرون زوجاتهم.

الشكر ينجي من المهالك

قال الله تعالى:

“إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ”
[سورة القمر: 34-35].

خلاصة

عندما يأمرنا النبي ﷺ بحمد الله وشكره عند رؤية الرؤيا الصالحة، نتأكد أن الإسلام دين شامل يهتم بكل جوانب حياة الإنسان، ويعطينا الدروس التي تنفعنا في الدنيا والآخرة. النبي ﷺ لا ينطق عن الهوى، وإنما هو وحي يوحى.