آلية تعبير وتفسير الاحلام و الرؤيا

الخطوة الأولى: التمييز بين أنواع الرؤى

الخطوة الأولى هي التمييز بين أنواع الرؤى بحيث يعرف المعبر هل يُستحب تفسير هذه الرؤيا لأنها صالحة تبشر بخير، أم أن السكوت عن تفسيرها هو الأولى، أم أنها ليس لها تفسير أصلاً لأنها أضغاث أحلام، أو مما يحدث به المرء نفسه أو يتمناه في واقعه فيراه في منامه.

الخطوة الثانية: انتقاء الرموز

الخطوة الثانية هي انتقاء الرموز من الرؤيا وترك الحشو الذي لا يرمز لشئ.

الخطوة الثالثة: عرض الرموز على مصادر التعبير

الخطوة الثالثة أن يعرض المعبر رموز الرؤيا على مصادر تعبير الرؤى من القرآن والسنة والأمثال واشتقاق اللغة والمعاني والقياس والتشبيه والقلب، ليختار لكل رمز من رموز الرؤيا تفسيراً مناسباً.

الخطوة الرابعة: التأليف بين معاني الرموز

الخطوة الرابعة والأخيرة أن يؤلف أو يجمع بين معاني رموز الرؤيا ليكون منها تفسيراً مناسباً لها.

مثال على تفسير الرؤيا

رأى الحجاجُ بن يوسفَ في منامه كأن جاريتين من الحور العين نزلتا من السماء، فأخذ الحجاج إحداهما، ورجعت الأخرى إلى السماء. فبلغت رؤياه ابنَ سيرين، فقال: “هما فتنتان، يدرك إحداهما، ولا يدرك الأخرى.” ويعني ابن سيرين بذلك فتنة الخروج على الحكام، فقد نهى عنه النبي ﷺ في أحاديث كثيرة، وأجمع أهل السنة والجماعة على تحريم الخروج على الحكام وإن وقع منهم الجور والظلم.

رموز الرؤيا:

  1. الرمز الأول: الجاريتان.
  2. الرمز الثاني: أن الحجاج أخذ إحداهما ورجعت الأخرى إلى السماء.

قام ابن سيرين بعرض هذين الرمزين على مصادر تفسير الرؤى، فاختار للرمز الأول أصلاً من أصول التعبير بدلالة السُّنَّة، وهو تعبير النساء بالفتنة؛ لقوله ﷺ في الحديث المتفق عليه:

“مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ”.

واختار للرمز الثاني وهو أخذ إحدى الجاريتين معنى آخر بدلالة المعنى والقياس، وهو إدراك الفتنة والتلبس بها، ثم ألَّف بين الأصلين، واستخرج معنى واضحًا، وهو أن هناك فتنتين كبيرتين ستقعان في الأمة، وسيدرك الحجاج فتنةً منهما. وبالفعل، أدرك الحجاج فتنة ابن الأشعث التي قُتل فيها خلق كثير من المسلمين، ولَم يدرك فتنةَ ابن المهلب، فوقعت الرؤيا كما عبر ابن سيرين.

الرؤيا تقع على ما تُفسَّر

ويلاحظ أن هذه الرؤيا التي عَبَّرها ابن سيرين وقعت كما فسر، ذلك أن الرؤيا تقع على ما تُفسَّر، كما ثبت ذلك في بعض الأحاديث. قال ابن الوردي:

“وهْي على جَنَاح طـائرٍ إذا \* أوَّلتَها حلَّت ببشرى أو أذى”.

التوجيه في تعبير الرؤى

ومن هنا نقول منبهين: لابد أن تُعبر الرؤيا على خير مهما أمكن بغير تعسف، وإلا فالكفُّ عن تفسيرها أولى وأحرى. قال الزرقاني:

“وسنة الرؤيا إذا كان فيها ما يكره أن لا تعبر”.