ليس عندنا من البشر أغلى ولا أحبَ من النبي ﷺ

لا زوجة ولا ولد ولا بنت ولا أب ولا أم، بل ولا النفس التي بين جنبينا. كل ذلك ليس أغلى من النبي ﷺ، وكلنا نتشوق لرؤيته في المنام، فرؤيته ﷺ في المنام لذةٌ ومتعة، وفرحة وسكينة وطمأنينة. هي الشرفُ الأسمى والراحةُ العظمى، وبشارةُ الصدق. كل أحدٍ منا، من شدّة شوقه وفَرْطِ حبه للنبي ﷺ، مستعد لأن يبذلَ أهلَه ومالَه مقابل أن ينظر إليه نظرةً واحدة. كما قال النبي ﷺ في الحديث:

“إن من أشد أمتي حبا لي، رجل يتمنى أن يراني بأهله وماله”
[رواه الشيخان].

فضل رؤية النبي ﷺ في المنام

رؤية النبي ﷺ في المنام قضية عظيمة. فقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ:

“مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثلُ بِي”
[صحيح البخاري].

كما روى البخاري أيضًا، عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي ﷺ يقول:

“مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَكَوَّنُنِي”.

وروى مسلم عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ:

“مَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّهُ لا يَنْبَغِي لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِي”
[صحيح مسلم].

رؤية النبي ﷺ حق وصدق

إن رؤية النبي ﷺ في المنام هي رؤيا حق وصدق، إذ لا يستطيع شيطان أن يتقمصَ صورته ﷺ، ولا حتى أن يتمثل بصوته، لكرامته ﷺ على الله.

اختلاف العلماء في تفسير الحديث

لقد اختُلف في معنى قوله ﷺ: “مَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِي”. ظن البعض أن الحديث على ظاهره، وأن من رآه في المنام رأى حقيقته بلحمه ودمه، كما لو رآه في اليقظة. لكن هذا القول باطل.

بطلان القول برؤية النبي ﷺ بلحمه ودمه

لو قلنا بأن النبي ﷺ يُرى في المنام بلحمه ودمه، يلزم من ذلك لوازم باطلة. فتخيل أن أكثر من مليار مسلم، على أقل تقدير، يرونه ﷺ في كل دقيقة في أنحاء العالم! ولو افترضنا أن خمسة أشخاص في أماكن مختلفة يرونه في نفس الوقت، فهذا يعني أن النبي ﷺ خارج قبره دائمًا. وهذا قول باطل.

التفسير الصحيح

قال القاضي عياض وغيره: يحتمل أن يكون معنى الحديث إذا رآه على الصفةِ التي كان عليها في حياته، لا على صفة غيرها.

أما الصحيح في معنى الحديث فهو أن رؤية النبي ﷺ حق، وليست باطلة أو أضغاثًا، حتى لو رؤي على غير صورته. فتصور تلك الصورة ليس من الشيطان، بل هو من قبل الله. ويؤيده قوله ﷺ: “فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ”.

أهمية تأويل الرؤيا

قال ابن حجر:

“من رآني في المنام على أي صفة كانت، فليستبشر ويعلم أنه قد رأى الرؤيا الحق التي هي من الله، فإن الشيطان لا يتمثل بي”.

شوق النبي ﷺ إلينا

لا يظنُ مشتاق لرؤية النبي ﷺ أنه وحده يعاني ذاك الشوق، فنبينا الكريم ﷺ يشتاق إلينا أيضًا. فقد ثبت أنه خرج على أصحابه يوماً وقال:

“وددت أني لقيت إخواني”.
فقال أصحابه: “أو ليس نحنُ أخوانَك؟”
قال: “أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني”.