1. ليس هنالك دولة إسلامية تترك الحكم بما شرع الله كليةً،
كما يدعي الغلاةُ، وإنما تحكمُ بغير ما أنزل الله في قليلٍ أو كثيرٍ، لا سيما إذا سلمنا بأن تطبيقَ الشريعة لا يقفُ على ما نطقت به نصوصُ القرآن والسنة، بل يعني أن لا تخالف الحكوماتُ النصوصَ والإجماعَ والقواعدَ الشرعية، ثم استحضرنا في ذواكرنا أن جميع الدول الإسلامية تطبق شرع الله في قضايا الأحوال الشخصية وأمور أخرى، إضافة إلى أن ثمة فرقاً بين النظام الوضعي الذي يحل محل النظام الشرعي، وبين النظام الإداري الذي يُقصد فيه رفع المفاسد والاحتياط للمصالح المعتبرة وضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع، فهذا لا مانع منه.
2. أما الحكام فالأصل فيهم الإسلام،
ولا يخرجون عنه إلا بدليل، وليس الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لما أنزل الله من غير جحود للشريعة مما يخرج من الملة، ذلك أن أهل السنة مجمعون على أنَّهُم لا يكفرون مسلمًا بكبيرة، ما لَمْ يستحلها أو يجحد تحريمها وهذا الإجماع يؤكده أمورٌ، منها:
3. تصريح أبي العباس القرطبي،
قال:“وترك الحكم بذلك ليس بشرك بالاتفاق، فيجوز أن يغفر، والكفر لا يغفر، فلا يكون ترك العمل بالحكم كفرًا”
4. تقرير عشرة من أئمة العلماء أن تكفير من حكم بغير ما أنزل الله دون استحلال،
هو من صميم اعتقاد الخوارج، وليس من عقيدة السلف وأهل السنة في شيئ! نكتفي بقول الجصاص “وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود” وقول السمعاني: “واعلم أن الخوارج يستدلون بِهَذه الآية، ويقولون: من لَمْ يحكم بما أنزل الله فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم”
5. وهذا يتفق مع ما ثبت عن ابن عباس في تفسير:
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُم الْكَافِرُونَ) قال: “ليس بالكفر الذي يذهبون إليه”. وفي رواية: ليس كمن كفر بالله، وملائكته، وكتبه، ورسوله، واليوم الآخر" “أما ظاهر الآية، كما أكد صاحب تفسير المنار، فلم يقل به أحد من أئمة الفقه المشهورين، بل لَمْ يقل به أحد قط”
6. والخلاصة أنه
“لا يجوز لأحد من الناس أن يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحل ذلك بقلبه” كما قال الألباني وأقره ابن باز وابن عثيمين، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!