بسم الله الرحمن الرحيم

إلى المسلمين في كل أرجاء العالم

الحمد لله الخالق العليم الخبير، الشاهد على كل شيء، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي وصفه الله بأنه رؤوفٌ رحيم، أما بعد …

فقد كنتأتمنَّى أن أستغني عن الخوض في الأحداث الجارية في مالي وبخاصَّة شمالُه. ولكن لم أجد مَفَرّاً؛ إذ من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم. والأحداث إنما تجري في مكان وزمان وعلى أشخاص، وهم سكان البلاد.

يمتاز هذا الجزء من أرض الله بأنّ معظم سكانه مسلمون، وغير الإسلام دخيل عليه، وقد قرأتُ مقالاتٍ كثيرة لإخواننا الطوارق وللمتعاطفين معهم بِهوى، وسمعت عن بيانات لأعضاء اتحاد علماء المسلمين وقيادات بعض الحركات السلفية، وحتى رؤساء دول، بل يفتي بعض العلماء البارزين المعتمدين في العالم في الموضوع؛ فلاحظت أنهم انطلقوا يُقدِّمون معلومات مُشوَّهة ومُزوَّرة للقراء المسلمين من غير تصوُّرٍ حقيقي للأبعاد المشكلة التي أدَّت إليها، ولا لنتائجها السيّئة على الإسلام والمسلمين في العالم كلِّه. ومن المُسلَّمات –نقلا وعقلا- أنَّ الحُكم على الشيء فرعٌ عن تصوُّره.

ولذلك أرى أنَّ من حق الإسلام والمسلمين علينا أن نوضِّح حقائق الأحداث الجارية في مالي؛ ليكون المسلم على بَيِّنة بما يقوم به نحوها؛ تحقيقا لقوله تعالى: {{ يَآ أَيُّها الَّذِين آمَنُوا إن جآءَكُم فاسق بنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين}} [الحجرات الآية 6]. فأردتُ أن أُسهِم بتصحيح المعلومات التاريخية لمن تَسمَّى بــ: عبد الرحيم اللامي، وقد نشرها على (تويترTwitter) وتناقلها الكثير من غير تمحيص.

·إنَّ جمهورية مالي فخورة بمجدها الإسلامي والحضاري من مملكة غانا بقيادة قبيلة سوننكي التي رحبت بالإسلام منذ أول الفتح الإسلامي، [ راجع ابن خلدون ، والقلقشندى،صبح الأعشى جـ5، ص 284]. ومملكة مالي بقيادة ماندِنْجو (مالِنْكي) ولا يزال نجم مَنْسا كَنْكُن موسى لامعاً في صفحات تاريخ الإسلام. ومملكة سنغاي ذات الشهرة العالمية. ومملكة دينا (بماسينا) بقيادة قبائل فلاتة . وجهود الحاج عمر الفوتي….. إلخ

·إنَّ التاريخ يؤكِّد لنا أنَّ الطوارق مواطنون يُعَدُّون جزءا من شعبنا [ راجع ابنخلدون،العبر، م2، ص2479. وابن بطوطة رحلة، ص677] ولكن ما قَدَّر الله لهم أن يقيموا دولة منظَّمة –قَطّ- وإنَّما كانوا يعيشون في هذه الممالك [ راجع محمد القشاط الطوارق ص 47].

·وأشكر الأخ الكاتب أَنْ رَبَط بين حدث تاريخي قديم ومعاصر، وإنَّ التاريخ لَيُعِيد نفسَه!!!، إياد أغ أغالي المتمَرِّد المالي السابق الذي تولَّى مناصب عليا في جمهورية مالي أراد أن يَستَغِلَّ اسم الإسلام لتحقيق مآربه الدنيوية؛ فقاد مجموعات مسلَّحة باسم أنصار الدين وقاعدة المغرب الإسلامي وغيرهما؛ فَعاثُوا فسادًا بدعوى تطبيق الشريعة [انظر مقال: هلْ منْ تطبيق الشريعة ما تقومُ به الحركات المسلَّحة في شمال مالي، هارون ميغا، قيد النشر ] وإياد أغ غالي فعل ما فعلَه أجداده المُلَثَّمون حيث عاشوا تحت حكم غانا (غانية) مرتاحي البال في نظام إسلامي سلمي، ثمَّ استغلُّوا ضعف مملكة غانة للقضاء عليه باسم الجهاد الإسلامي فردَّد ذلك ناقلو التاريخ بدون وقفة ولا تحليل. قال ابن خلدون: ((ثم إنَّ أهل غانة ضَعُف مُلكُهم، وتلاشى أمرُهُم، واستفحل أمر المُلَثمين المجاورين لهم من جانب الشمال مِمَّا يلي البربر، وعبروا على السودان واستباحوا حِماهم، واقْتَضَوْا منهم الإتاوات والجز، وحَمَلوا الكثير منهم على الإسلام فدانوا )). أيُّ إسلام وقد ذكر ابن خلدون أنَّ أهل غانة أسلموا في أول الفتح الإسلامي؟!!!. وروي عن أحمد بابا قوله: (( إنَّ في مدينة غانا 12مسجدا منذ عام 60هـ )). كلُّ ذلك قبل أن يسلم ملوكها الذين سجَّل التاريخ أنَّ أوَّل ملك غاني أسلم سنة 222هـ وحارب الوثنيين. كما سجَّل التاريخ أنَّ هؤلاء الملوك كانوا- قبل إسلامهم- يستعينون بالمسلمين في إدارة شؤون المملكة.

بينما تأسست دولة المرابطين سـنة 424هـ أَفَبَعْد قرنين يأتون لحمل أهل غانا على الإسلام؟ فأيُّ إسلام كان عند أهل غانة قبلهم! يا لَلْعَجب!!! اقرؤا التاريخ وافقهوه وحَلِّلوه.

أمَّا ادعاؤك أيها الأخ عبد الرحيم اللامي بأنَّ الاسم الصحيح لشمال مالي هو (أزواد) فلا يقوم على أي أساس؛ لأنَّ أَزَوَادُ “حوض يقع بين مدينة تنبكت وتوديني”، وهو محل حوض يرِده الرعاة والتجار للتّزود بالماء، ولكثرة الورود إليه أصبح موعدا لهم. وهو بمعنى جفنة (طست) في شكله؛ فأطلق شعب سنغاي عليه (أَزَوَ Azawa) (جفنة). وأضافوا إلى الكلمة لاحقا بنيويا (دُوdo)بمعنى عند في لغة سنغاي. فقيل أَزَوَادُ Azawado - عند الجفنة. وفي النيجر( أَزَوَاغُ Azawa go ) بمعنى ها هي الجفنة. وفكرة أَزَوادُ كدولة تبنَّاها معمَّر القذّافي في التسعينيّات.

إنَّ فرنسا لَقِيتْ مقاوماتٍ وطنية من الجنوب إلى الشمال من كل القبائل، والفرق الوحيد بين قادة المقاومة، هو أنَّ غير التوارق أصحاب مبادئ وصمَّموا على عدم الانقياد للمُحْتَلِّ حتى هُزموا فقُتِل مَنْ قُتِل، ونُفِيَ مَنْ نُفِي، بينما كُلُّ المقاومين التوارق وقَّعوا معاهدات مع فرنسا عند الهزيمة، وأصبحوا عملاء للفرنسيين. بل منهم مَن تعاوَنوا معه، تَجِدْ الأحداثَ مُدوَّنةً بأيامها وأماكنها وأسماءَ الشخصيات [راجع كتب التاريخ المعاصر عن المنطقة، والأرشيف في مكتبة السنغال الوطنية، والمعارضات الشعرية وقصائد الهجاءبين كَلَنْتِصار وكونْتَه].

إثارة الثورات والفتن:

يجدر بنا أن نشكر للطوارق جُرأتَهم وتَهَوُّرَهم، فقد عُرِفوا في التاريخ بالنهب والسلب وقطع الطريق، والاعتداء على الضعيف، كما استغلتهم فرنسا عملاء منذ بداية القرن التاسع عشر؛ فقتلوا المستكشف الانجليزي Gordon Langوسلَّموا أوراقه ومُذَكِّراته وخرائطه لفرنسا [ مجلة العربي الكويتي العدد 244 مارس 1979م ] وقد سخّرهم جهاز الاستخبارات الفرنسي ويستغلُّهم كُلَّ ما أراد الانتقام من مسلم وظّف طاقاتهم وقدراتهم في محاربته؛ فذلك شأنُهم في الجزائر، ومالي، والنيجر، وليبيا…إلخ.

وفي سنة 1963م انتقمت بهم فرنسا من جمهورية مالي؛ لأنَّها ساندت الجزائر في الاستقلال، وإجلاء القواعد العسكرية الفرنسية من مالي 20 / يناير/ 1961م.

وفي سنة 1990م استغلَّهم فرانسوا ميتيران للانتقام من الجنرال موسى تراوري لمواقف سبقت منه.

وعلى الرغم من كلِّ الاتفاقيات والمعاهدات استمرت الطوارق في تيههم واعتداءاتهم على الأبرياء حتى اضطر المواطنون الأصليون الأبرياء إلى وقفهم عند حدهم. في 1995م

أمَّا حَملُكم السِّلاحَ على الجنرال أمادو توماني توري، فيبدو إمَّا أنَّك تتكلَّم بالهوى وعن مكابرة ومعانَدة، وإمَّا أنَّك لا تُتابِع الأحداث و لستَ مُدقِّقًا للتاريخ فيمكن وصفك بسوء الحفظ ولا تقبل منك رواية؛ ذلك أنَّ الأحداث إنَّما اندلعت في مدينة مينك و كيدال 23 مايو 2006م، وليس كما زعمت أنها جرت 2005م. وكان ذلك بتخطيط ودعمٍ من القذّافي.

و أما الثورة الأخيرة فهي ثورة سَركوزِيَّة انتقاما من أمادو توري الذي تنازل عن اعتماد قانون الأسرة أمام الحشد الإسلامي أول رمضان عام 2010م في ملعب 26 مارس؛ إضافة إلى موقفه الرافض للحرب على ليبيا….إلخ.

·إنَّ الحركات المسلحة في الشمال يمكن أن تُصنَّف إجمالا إلى:

1-حركة تحرير أزواد: وهي حركة إلحادية تقودها أقلية عرقية طارقية متعصِّبة ضدَّ السود والعرب على حدٍّ سواء. ولا تزيد نسبة الطوارق على 6%من مجمل سكَّان الشمال، و0,2%من مجمل سكان مالي. أرأيتَ كيف وقعتَ في بهتان عظيم حين جعلتهم أغلبية سكَّان شمال مالي ثمَّ العرب؟!! وقيادات هذه الحركة إنَّما هم من الطوارق المرتزقة من الجنسيَّة الليبيَّة، مثل بلال أغ الشريف الذي كان قائدا في كتيبة خميس القذّافي، ورئيس الدولة الوهميَّة التي أعلنوها بغاو عام 2012م.

وهذه الحركة التي حظِيَتْ بتأييد القذّافي إنَّما نشأتْ وترعرتْ في حضن الغرب اليهودي و النصراني و في كفالته – والعُهدة على أحد مُنَظِّري الحركة أبي بكر الأنصاري حفيد الأمير الطارقي عمر الأنصاري الذي لجأ إلى المغرب- يقول أبو بكر الأنصاري: (( أمريكـا تنظر للطـوارق بعيون يهوديـة وخَلْقِ حِلْفٍ لأمريكا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يكون في خدمة مصالحها )) وبالتالي يتحقق الهلال السامي في القارة الإفريقية ببناء دولة للطوارق موالية للغرب، صديقة لإسرائيل ويكون لإسرائيل صديق مسلم لها الفضل في بناء دولته وتبني واشنطن قواعدها العسكرية في دولة الطوارق دون الحاجة لافتعال معركة وهمية لمحاربة الإرهاب. [راجع مقال: السياسة الأمريكية في القارة الإفريقية على ضوءنجاحات الهلال السامي] وقد ذكر في مقال آخر أنَّ هذا الحلف هو الذي جاء بساركوزي إلى رئاسة فرنسا [ راجع غوغل (العربي): موقع الحوار المتمدن، مقالات أبيبكر الأنصاري].

أتوقَّف عند هذا الحدِّ وأرجو من القارئ المسلم المهتمِّ بأمر دينه أن يتدبَّر هذه النقول، وأن يعود إلى الموقع الإلكتروني:الحوار المتمدِّن؛ لأنَّه سيجد حقائق، ويكتشف خفايا وخيوطا، وصورة أبي بكر الأنصاري؛ فقد قطعتْ جهيزة قول كلِّ خطيب.

2-حركة أنصار الدين: حركة تارقية عميلة لفرنسا لَبِستْ ثوب الإسلام للتضليل، و مُهمَّتُه الكشف عن الإسلاميين المختفين في الجبال والكهوف في الشمال لاستئصالهم، قبل النضوج وإعلان جهاد ضدَّ أوروبا، ولم تسلم أعضاء هذه الحركة من أخطاء إخوانهم في الحركة السابقة من سرقة و نهب و سلب…إلخ.

لاحظ أيها الأخ المسلم، موقف الغرب من الأحداث من البداية إلى الآن، كانوا يجبرون الحكومة والرأي العام في مالي وغرب أفريقيا والعالم على التفاوض مع هاتين الحركتين وبعد قضاء الإسلاميين على الحركة الإلحاديَّة الأزوادية ذابَ باقي أفرادها في حركة أنصار الدين و استوعبتهم بكل سهولة؛ لأنَّهما في الحقيقة وجهان لعُملةٍ واحدة ولهدف واحد [انظر مقال: هلْ منْ تطبيق الشريعة ما تقومُ به الحركات المسلَّحة في شمال مالي، مرجع سابق ].

وبرغم كلّ الفظائع التي قام بها الطوارق لم يزالوا في حماية سويسرا وفرنسا وأمريكا في بوركينافاسو وموريتانيا. ولا تزال دول الغرب تحاول فرض التوارق على دولة مالي؛ بحجَّة أنَّهم مواطنون لهم حقوق وكأنَّ غالبيَّة سُكَّان الشمال ليسوا مواطنين ولا حقوق لهم، وهم الذين لا يرونالتفاوض مع الحركتين للتجارب المريرة السابقة معهم، ولأنَّهما السبب الأساس في كلِّ الفظائع والبلايا التي حلَّتْ بالإقليم؛ فإن كان لا بدَّ من التفاوض فإنَّما كان ينبغي أن يكون مع الإسلاميين العرب والأجانب؛ ليخرجوا دون حرب ولا قتال؛ حِقنًا لدماء المسلمين، لكنَّهم جميعا كأسنان المشط.

3- حركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا: يقودها العرب المتطرفُّون من الموريتانيين والجزائريين والصحراويين وعرب من شمال مالي، والموريتانيون، وهم طائفة احترفت تهريب المخدَّرات والسجائر والبضائع والأسلحة، من كلّ الاتجاهات والدول. ويتألف الجناح السياسي من شخص عربي كان نائبا برلمانيا مواليا للقذافي بعيدا كل البعد عن الدين.

وقد استطاعت هذه الحركة أن تستقطب كثيرا من الشباب السود من دول غرب إفريقيا بشراء الضمائر بأرباح المخدّرات، أو وعود بالجنة و حور العين؛ فكان من هؤلاء الشَّباب أغلب ضحايا (منيك) ضدّ التوارق و (كُونَّا) و(جبالي) ضدَّ جيش مالي وحلفائه.

يبدو أنَّ هذه الحركة مستهدَفة؛ لأن الدول الغربية ووسائل إعلامها ومحلِّليها لم تتحدث ولو خطأ عن التفاوض معها.

4- تنظيم القاعدة بمختلف تياراتها: وهي حركـة ممتـدّة من التنظيم الأم بأفغانستان وأعضاؤها غير ماليين، وفدوا من الدول العربية المجاورة لمالي ومن غيرها لأسباب سياسية وأمنية.وهم أيضا متهمون بتجارة المخدِّرات والسجائر، وأضافوا إلى الحرفة السابقة صناعة اختطاف الأوربيين، حيث اختطفوا 2007م إلى الآن ما يقدَّر بأربعين شخصا، ومعظمهم من رعايا الغرب..

فقدت هذه الحركة الحكمةَ في التعامل مع حكومة مالي؛ لأن هؤلاء الأجانب دخلوا إلى البلاد بالتأشيرة ويسري عليهم حكم المعاهد، وفي حال عدم اعتراف الحركة بالحكومة يُعدُّ اعتداءً على الشعب المسلم المالي الذي اختار هذا النظام لأمرٍ مَّا. ومن الغريب أنيكون إياد أغ غالي وقيادات المتمردّين الطوارق هم –فقط- الوسطاء بينهم وبين دول المختطَفين لدفع فدية ماليَّة!! أليس وراء الأكمة ما وراءها. وقد كشفت جرائد عربية عن دوره الاستخباراتي وتحضيره للتدخُّل الفرنسي، وها هو– بعد تحقيق دوره- ينجو بجلده؛ فيطلب اللجوء السياسي إلى موريتانيا وربُّما إلى فرنسا [ راجع الشروق الجزائرية 27يناير2013م]

·اجتمعت هذه الحركات في شن هجمات على الجيش المالي 17 يناير 2012م.

أخيرا، أيُّها الأخ التارقي عبد الرحيم اللامي كنت أعتقد أن الشمال مهمل في التنمية، ولكن بعد التخرج في الكليَّة قمتُ برحلات دعوية إلى معظم مدن مالي غربا وجنوبا، فوجدتُ أغلب المناطق لا تختلف عن الشمال، وقادة التوارق أخذوا فوق اللازم؛ إذ كل المؤسسات التنموية الحكومية وغير الحكوميَّة كانت بأيديهم [ راجع مقال: قضيَّة الطوارق في مالي، أ.سعد المهدي، قراءات أفريقية، العدد 13 رجب- رمضان 1433هـ يونيو- سبتمبر 2012م].

أدولة تضم 1078 مدرسة عربية إسلامية من جهود الشعب تُجاهَد؟ هَلاَّ أنفقتم هذه المجهودات في التعليم و التربية لكي تصنعوا كوادر مسلمين ينتصرون للإسلام.

يا علماء المسلمين في الغرب و الشرق ادرسوا القضايا وتصوَّروها قبل إصدار أحكام أو فتاوى تحاسبون عليها أمام الله؛ بتضليلكم الرأي العام الإسلامي بفتاوى عاطفية غير مبنية على أسس علمية، وقد قيل: الحكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوُّره.

أرجو من المسلمين المتعاطفين مع القاعدة وحلفائها من هذه الحركات ويرون في هذه الحرب عدوانا على المسلمين أن يفتحوا لهم أبواب دولهم ويناصروهم؛ فإنَّ أرض الله واسعة.

أيها المجاهدون في تنظيم القاعدة وحلفائها، أيها الإخوان المسلمون في القاهرة هلاّ ناصرتم الفلسطينيين لتحرير القدس، هلاّ طَهّرتم بلادكم من رواسخ الاستعمار الغربي. إنَّ الاستعانة بفرنسا أو بغيرها كان لا بدَّ منها، كالاستعانة بأمريكا وحلفائها في حرب الخليج الثانية، والحرب بالوكالة ضد السوفيت في أفغانستان. ثمَّ كيف تكون الاستعانةُ بغير المسلم لدفع الظلم والمحافظة على النفوس والأعراض والأموال والعقول جنايةً في حقِّ الإسلام؟!!! وبخاصَّة إذا قعَد المسلمون ودولهم وهيئاتهم التي نامت عن كلّ الفظائع التي ارتكبتها تلك الحركاتُ ليستيقظ فيها –أخيرا- الحسُّ الإسلاميّ ؟؟!!!!

أمَّا حركة (غَندَا كُوي) التي تحولت إلى جمعية وطنية رسمية تهدف إلى نشر السلام، والتنمية ومكافحة التعصب، فقد اتصلت بكل القبائل الشمالية عن طريق الجمعيات والشخصيات وقُمنا بزيارة لزعيم أفوغاس – إنتل أغ الطاهر 2010م ولزعيم القبائل العربية – محمد المختار وزير الثقافة سابقا – وضباط التوارق والعرب، دعوناهم جميعا إلى توحيد صفنا وجبهتنا لمكافحة الجهل والفقر والمرض في مناطقنا وإلى الاتحاد لتنميتها.

منذ 2006م بدأتُ اتصالاتٍ بأفراد مستهدفين من الدعاة والمدرسين والسياسيين.و سنغاي بإجماع في مدينة غاو يقولون: نحن نثق بالعرب، والعرب يبادلونهم الثقة نفسها، لكنَّ كلَّ القبائل في الشّمال وغيره يشكُّون في نوايا الطوارق وفي أهدافهم الحقيقيَّة.

إنّ شعب مالي يسعى إلى إقامة دولة مدنية، إسلامية السكان، دون اعتداء على غير مسلم وظلمهم، بل نعتبرهم أقلية دينية نوفِّر لهم حقوقهم، ونرتِّب أولوياتها، وندعو بالأخلاق مقتنعين بأن تأثيرها أقوى من الأسلحة.

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبد الرحمن سيسي آل معروف التنبكتي

27 يناير 2013م