السياسة الشرعية تعني رعاية شؤون الأمة بما يحقق المصلحة العامة ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية. وهي تختلف في تطبيقها عبر الزمن حسب تغير الظروف والتحديات.
في الإسلام، الأصل أن تكون الأمة الإسلامية مجتمعة تحت خليفة واحد، لكن بعد الخلافة الراشدة، تفرقت الأمة إلى دول متعددة.
يوضح الشيخ أن الخلافة الإسلامية، كما كانت في العصر الراشدي، كانت مؤسسة على التزام المسلمين بالعقيدة والاستقامة، وهذا ما جعلهم يستحقون خليفة على منهاج النبوة. لكنه يؤكد أن استعادة الخلافة اليوم تتطلب شروطًا واقعية وليس شعارات.
يستعرض الشيخ أمثلة من التاريخ الإسلامي على كيفية تطبيق السياسة الشرعية لتحقيق مصلحة الأمة:
عمر بن الخطاب: أنشأ السجون ودون الدواوين لإدارة الدولة وتحقيق العدالة.
عثمان بن عفان: قرر إحراق المصاحف لضمان وحدة النص القرآني وحفظ الأمة من الفتن.
هذه الأمثلة توضح أن السياسة الشرعية لا تعني بالضرورة أن تكون كل قرارتها منصوصة بشكل مباشر في الكتاب أو السنة، بل هي إدارة للمصالح العامة بما لا يخالف الشريعة.
الشيخ خالد العنبري يشير إلى أن القوانين الحديثة التي لا تتعارض مع الشريعة، مثل قوانين المرور أو القوانين الإدارية، هي جزء من السياسة الشرعية.
كما ينتقد الغلو في الحكم على الدول الإسلامية بأنها تركت الشريعة، موضحًا أن العديد من القوانين التي تطبق في هذه الدول لا تخالف الشريعة.
بالنسبة للخلافة، يوضح الشيخ أن الأمة الإسلامية اليوم تعيش في دول متعددة، وهو أمر ليس بجديد. فقد أقر العلماء منذ القرن الثالث الهجري بشرعية تعدد الدول الإسلامية وضرورة طاعة الحكام في كل دولة.
الشيخ يشرح أن الحكم على دولة بأنها إسلامية لا يرتبط بتطبيق كامل الشريعة، بل بإقامة شعائر الإسلام. يستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الأذان كعلامة على إسلامية القرية: “إذا سمعت الأذان في قرية، فهي قرية إسلامية، حتى لو لم تطبق كامل أحكام الشريعة.”
ينتقد الشيخ بشدة منهج الخوارج الذين يكفرون الحكام والدول بسبب الكبائر أو عدم تطبيق الشريعة بشكل كامل.
يؤكد أن تكفير المسلمين بارتكاب الكبائر هو فكر خاطئ وليس من منهج أهل السنة والجماعة، ويشير إلى أن منهج أهل السنة يقوم على اعتبار الكبائر ذنوبًا لا تؤدي إلى الكفر ما لم تكن مستحلة.
يستشهد الشيخ بأن الأمة قد مرت بأزمات وفتن كبرى، مثل فتنة مقتل عثمان بن عفان وظهور الخوارج، وهي تجارب تاريخية تثبت خطورة تكفير الحكام والخروج عليهم.
يتحدث الشيخ عن الواقع الحالي للأمة الإسلامية، حيث أصبحت الأمة موزعة على عدة دول وليس من السهل جمعها تحت خلافة واحدة كما كان الحال في الخلافة الراشدة.
يوضح أن الجماعات التي تدعو لإقامة الخلافة في الوقت الحاضر تستغل عواطف المسلمين، لكنهم لا يقدمون خطوات واقعية لتحقيق هذه الخلافة.
يحذر الشيخ من أن بعض هذه الجماعات تستخدم فكرة الخلافة كوسيلة لجمع الناس تحت رايتها أو لتبرير أهداف سياسية معينة. يشدد على أن المسلمين لا يجب أن يسمحوا لأحد باللعب بعواطفهم واستغلال رغبتهم في استعادة الخلافة.
يشير الشيخ إلى أن الفقهاء أفتوا بأن لكل رئيس دولة إسلامية حقوق الإمام الأعظم (الخليفة)، وله ما عليه من واجبات.
يجب على المسلمين السمع والطاعة لحكامهم في كل دولة ما داموا لا يحكمون بما يخالف الشريعة.
يرفض الشيخ فكرة الثورات والانقلابات على الحكام ويعتبرها مخالفة لمبدأ الالتزام بالجماعة، الذي أكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم: “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.”
الشيخ خالد العنبري يشدد على أهمية الالتزام بجماعة المسلمين، وعدم الانخراط في جماعات أو حركات سرية تؤدي إلى تمزيق جسد الأمة.
يحذر من الجماعات التي تدعو إلى الانشقاق أو تكوين تنظيمات سرية، حيث يرى أن هذه التنظيمات تزيد من انقسام الأمة وتفتيتها.
الشيخ يستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلافة على منهاج النبوة، مشيرًا إلى أن بعض العلماء يرون أن هذا الحديث يتعلق بخلافة عمر بن عبد العزيز، بينما يراه آخرون متعلقًا بالخلافة التي سيعيدها المهدي في آخر الزمان.
الشيخ خالد العنبري في محاضرتيه حول “فقه السياسة الشرعية” و"الخلافة" يركز على ضرورة فهم السياسة الشرعية وفقًا للواقع وعدم الانجرار وراء العواطف.
ينتقد دعوات إقامة الخلافة التي تروجها بعض الجماعات الإسلامية في الوقت الحالي، ويرى أن هذه الدعوات تفتقر إلى الواقعية والالتزام بمنهج الشريعة.
يحذر الشيخ من منهج الخوارج في تكفير الحكام والدول بسبب عدم تطبيق كامل الشريعة أو الكبائر، ويشدد على أهمية الالتزام بجماعة المسلمين وطاعة الحكام في كل دولة.
في النهاية، يدعو الشيخ إلى الوحدة الإسلامية ونبذ الجماعات التي تؤدي إلى تفرق الأمة، ويؤكد أن الفقه السياسي في الإسلام يقوم على تحقيق المصلحة العامة وفقًا للشريعة، مع مراعاة التغيرات والظروف التي تعيشها الأمة.