خطوات تحقيق الأمنيات

انتهى بنا الحديثُ في المقالة الماضية أن الله سبحانه جعل للتمني الذي في قلوبنا تأثيراً كبيرا في تحقيقِ أمنياتنا، فقد وهبنا الله قدرةً عظيمة، نستطيع بها أن نحولَ الكثيرَ من الرغبات، والكثيرَ من مكنونات النفس، إلى حقيقةٍ واقعية! وهذا الذي جعله الله سبباً في تحقيق أمنياتنا، لا نعلم حقيقته ولا كنهه ولا كيفيته، لكن الأدلةَ الشرعية تؤكدُ على كينونته، وتجزمُ بتأثيره في حياتنا! وما من شك أن ذلك بإذن الرب تعالى ومشيئته، ومرتبطٌ بالقدر خيره وشره.

كيف نستخدم هذا التأثير لتحقيق أمنياتنا؟

كيف نستخدمُ هذا التأثير ونستعملُ هذه القوة لتحقيق أمنياتنا والحصول على أهدافنا؟ هذا ما سوف نبينه بإذن الله تعالى، فهنالك عشرُ خُطواتٍ ووسائلَ سهلةٍ ويسيرة، نستطيعُ بها أن نحققَ أمنياتنا:

الخطوة الأولى: حدد أمنيتك

فكر جيداً فيما تريد، وحدد أمنيتك بدقة. حدد قبل أن تتمنى، ولا تستعجل في تمني ما تريد، فلربما تتمنى شيئًا، لا يصلح لك، أو يجلب لك الشر كله. عود نفسك دائماً أن تنظر إلى لب الأمور وجوهرها، وليس إلى مظاهرها.

  • لا تتمنى أخي الكريم الزواج من فلانة، إلا إذا كنت متأكداً أنها ستسعدك.
  • ولا تتمنى منصباً بعينه إذا كان هذا المنصب سيسبب لك المتاعب والمشاكل.

يجدر بكل مسلم أن يكون ما يتمناه منضبطاً بضوابط الشرع المطهر، فلا يتمنى ما يخالف الشرع، فإن الشرع كله مصالح، والله يعلم وأنتم لا تعلمون. وقد رُوي في مسند أحمد:

“إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ مَا يَتَمَنَّى.”

الخطوة الثانية: تمنى بقلبك جيدا

تمنى ما حددته بقلبك جيدًا، واجعل رغبتك في الوصول إلى هذه الأمنية أكيدة. استمر في تمنيها بقلبك ووجدانك دون توقف، فالتمني له تأثيرٌ كبير في تحقيق الأمنيات.

الخطوة الثالثة: أحسن الظن بربك

توقع أن يحققها لك في أي وقت، فما ظنُّك بأمك الحنون إذا عرفت أنك تتمنى كذا أو كذا؟ ستبيع ما أمامها وما وراءها لتحقيق أمنيتك، فما ظنكم بأرحمِ الراحمين وأكرمِ الأكرمين؟

توقع من الله عز وجل أنه سيمن عليك بهذه الأمنية، وفي الحديث القدسي:

“أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء.”

الخطوة الرابعة: توكل على الله

توجه إلى الله وقل في نفسك: رب إني لا أقدر على تحقيق هذه الأمنية دون عونك وتوفيقك، فاللهم فوضتك أن تحققها لي، فلا حول ولا قوة لي إلا بك. قال تعالى:

“وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.”

الخطوة الخامسة: استيقن حصول الأمنية

استيقن بوقوع الأمنية، وكأنها بين يديك قد تحققت بالفعل. قال الحسن:

“يا ابن آدم إن من ضعف يقينك، أن تكون بما في يدك أوثق منك، بما في يد الله عز وجل.”

الخطوة السادسة: استبشر بتحقيق أمنيتك

تفاءل بحصولها، والتفاؤل سنة نبوية. كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير، ولا يتشاءم أبداً. فكن إيجابياً، ولا تحدث نفسك أن الأزمة الاقتصادية ستؤثرُ على تحقيق أمنيتك.

الخطوة السابعة: اِلْحَ على الله في الدعاء

ألِحَّ على الله في دعائك أن يحقق لك أمنيتك، ولا سيما في الأوقات التي يُرجى فيها الإجابة.

الخطوة الثامنة: ساعد غيرك على تحقيق أمنياتهم

فالله في عون العبد ما دام في عون أخيه، كما ثبت في صحيح مسلم:

“ومَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ.”

الخطوة التاسعة: أكثر من شكر الله

شكرُ الله سيجلب لك المزيد من الخيرات والبركات في حياتك، كما قال ربنا:

“ولئن شكرتم لأزيدنكم.”

الخطوة العاشرة: أكثر من الاستغفار

فالاستغفار هو المفتاح الأقوى لتحقيق الأمنيات. قال تعالى:

“وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى.”

الخاتمة

هذه هي خطواتُ تحقيقِ الأمنيات باختصار شديد. حدد أمنيتك بدقة، ثم عليك أن تتمناها بقلبك بقوة، وأن تحسن الظن بربك أن يحققها لك، وأن توكله سبحانه في ذلك، وأن تستيقن بوقوعها، وأن تستبشر بتحقيقها، وأن تتفاءل بحصولها، وأن تلح على الله في دعائك، وأن تساعد غيرك على تحقيق أمنياتهم، وأن تكثر من شكر الله على ما أولاك من النعم، وأن تكثر من الاستغفار. ولابد مع هذه الخطوات وتلك الوسائل، من التخطيط الدقيق والسعي الجاد. كن على يقين أن هذه الخطوات ستوصلك بإذن الله ورحمته، إلى كل ما تريد.