تحقيق الأمنيات: خطوات وأساليب
لكل واحدٍ منا أهدافٌ يريد أن يصلَ إليها، وأمنياتٌ يهفو إلى تحقيقها. دعني أبشرك أولاً: لقد وهبك الكريم المنان، قدرةً عظيمة، تستطيع بها أن تحولَ الكثيرَ من رغباتك، والكثيرَ من مكنونات نفسك، إلى حقيقةٍ واقعية! إنك تستطيع بفضل الله ورحمته، أن تغيرَ حياتك، وأن تَتخلص من مشكلاتك، الواحدةِ تلو الأخرى، بشرط من الأهمية بمكان، أن تتقن الخطواتِ والوسائل الصحيحة لتحقيق الأمنيات، التي سأخبرك بها بإذن الله، ومن ثم تكونُ المسألةُ مسألةَ وقت حتى تحققَ ما تريد!
تأثير التمني
إن الكثير منا يمارسُ تحقيق أمنياتهِ بطريقة خاطئة، ثم يصيبه اليأسُ والقنوطُ، لحصولهِ على نتيجةٍ سلبية أو عكسية، كما أن الكثير منا يتمنى ما يضره وما لا ينفعهُ. سنتحدثُ عن قوةِ التمني وتأثيره، تلك القدرة التي منحها الله البشرية، كيما يحققوا بها ما يريدون من أهداف، ويحولوها إلى حقيقةٍ وواقعٍ مُعاش. إنها رحمةُ الله الواسعة، ونعمُه التي لا تحصى، فله الحمد في الأولى والآخرة.
لقد جاءت نصوصُ الكتاب والسنة، بأمر الناس بتمني الخير، ونهيهم عن تمني الشر، وزوال نعمة الغير. وصنف أئمةُ الإسلام في موضوع التمني تصانيفَ رائعة، فالبخاري أميرُ المؤمنين في الحديث الشريف، كتب في صحيحه العظيم كتاباً أسماه كتابَ التمني، بيَّن فيه ما يجوز وما لا يجوز من الأمنيات.
لقد أكدت النصوصُ المباركة من الكتاب والسنة، أن التمني الكائنَ في قلوبنا، جعل الله له تأثيراً كبيراً، في جلب ما نتمناه إلى حياتنا، وتحقيق ما نريد من أهدافنا. هذا التأثير نشعرُ به كلُّنا، فكم تمنينا بكل قلوبنا أن يتحقق كذا وكذا فتحقق.
قال تعالى:
“قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.”
التمني وتأثيره
إذن فالتمني له قوةٌ وله تأثيرٌ في جلب ما نتمناه. وفي الصحيحين عن أنسٍ قَالَ:
“لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي.”
فلولا أن لتمني الموتِ تأثيراً كبيراً في وقوع مصيبةِ الموت، ما نهانا عن تمنيه نبينا صلى الله عليه وسلم، وكم من أناس تمنوا الموت فماتوا.
أهمية التمني في تحقيق الأمنيات
عزيزي القارئ: لابد أن تعرفَ قبل أن تتمنى، أن هنالك في كوننا قانوناً عظيماً يُعرف بقانون الوفرة، وهو من السنن الكونيّة التي لا تتبدل ولا تتغير. فقد ملأ الله الكون بوفرة هائلة، من العطايا والمنح والخيرات والأرزاق، أكثرَ بأضعافٍ مضاعفة، مما نحتاجُ إليه وزيادة.
ألم تسمع إلى الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه:
“يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي، إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ.”
وبعد أن عرفنا أن للتمني الذي في قلوبنا تأثيراً في تحقيقِ أمنياتنا، فكيف نستخدم هذا التأثير وهذه القوة لتحقيق أمنياتنا، والحصول على أهدافنا، هذا ما سوف نعرفه في مقالة قادمة بإذن الله.