بعد أن أتى الشهابُ العابرُ في مقدمة كتابه “البدر المنير” على

أهم قواعد تفسير الأحلام

بدأ  في شرحِ رموز الرؤى والأحلام، وجعل لكل رمزٍ تعبيراً مناسباً لكل حالم، مراعياً ما قرره من قبل أن تأويل الرؤى يختلف باختلاف الأشخاص والأديان والمهن والوظائف والأجناس والأزمنة والأمكنة وما إلى ذلك، وإذا كان المؤلفون في تعبير الرؤى يرتبون الرموز إما على حروف المعجم وإما على الموضوعات، فقد اختار الشهابُ العابرُ الطريقةَ الثانية، فرتب الرموز على الموضوعات، بداءةً بباب رؤيةِ الباري سبحانه، مرورا برؤية السماء والأرض، وانتهاءً برؤية موت بني آدم،

وفي أولِ باب رؤية الباري سبحانه

أنكر الشهاب العابرُ على من أنكرَ رُؤْيَة الْبَارِي عز وَجل فِي الْمَنَام وخطّأ من قال إِنَّمَا هِيَ وساوس وأخلاط لا تتعبير لها، وذكر أنه لا ينبغي أن نكابر الرَّائِي فِيمَا يرَاهُ وَغلب على ظَنّه

وقرر أن الربَّ إذا رآه الإنسان في منامه فيعبر بالحاكم عليه من رئيس أو عالم أو قاض أو والد أو نحوه،

فَإِذا رأى أحدٌ الْبَارِي عز وَجل  قد قربه، أَو أَو كَلمه، أَو وعده بِخَير

فبشارة لَهُ بِرَفْع الْمنزلَة أو تحقيق أمنية، فَإِن كَانَ يَلِيق بِهِ المنصب تولى منصبا مهما، أَو تولى الْقَضَاء أَو التدريس ، أَو ترأس على أَرْبَاب صَنعته، أَو تقرب من الْمَلُوك، أَو الْولاة، أَو الْقُضَاة، أَو الْعلمَاء، أَو أَرْبَاب المناصب. وَرُبمَا نَالَ خيرا من الْحَاكِم عَلَيْهِ كَأحد أَبَوَيْهِ، أَو سَيّده، أَو أستاذه. وَإِن كَانَ كَافِرًا: أسلم. أَو مذنباً: تَابَ، وَإِن كَانَ مَرِيضا: مَاتَ.

وَأما من رَأى الله سبحانه فِي صفة نَاقِصَة، أَو تهدده، أَو أَعرضَ عَنهُ

تغير عَلَيْهِ كبيره. كالسلطان، وَالْحَاكِم، والعالم، وَالسَّيِّد، وَالْوَالِد، وَنَحْوهم. وَرُبمَا تغير دينه. ومَجِيء الباريء عز وَجل إِلَى الْمَكَان الْمَخْصُوص، أَو تجليه عَلَيْهِ

وَهُوَ فِي الصِّفَات الْحَسَنَة

دَال على نصر المظلومين، وهلاك الظَّالِمين، فهذا مختصر ما ذكره الشهاب العابر في ياب رؤية الباري سبحانه.

والحق أن قد ثبت اتفاقُ أهل السنة على جواز رؤية الله في المنام

وقد رآى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ربه في المنام، ورأه كثير من الناس، فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه، كما اتصل عدةٌ من متابعي برنامج رؤيا وذكروا أنهم رأوا ربهم سبحانه في منامهم

لكن لا يجوز للرائي أن يعتقد أن الله كمثل ما رأى في المنام

تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير، وقد يخيل الشيطانُ لبعض الناس أنه رأى ربه وليس كذلك ، كما روي أنه تخيل لعبد القادر الجيلاني على عرش فوق الماء ، وقال أنا ربك وقد وضعت عنك التكاليف ، فقال الشيخ عبد القادر : اخسأ يا عدو الله لست بربي؛ لأن أوامر ربي لا تسقط عن المكلفين !