أكد الشهاب العابر في الفصل الحادي عشر من كتابه البدر المنير على أنه
يجب على المعبر أن يعتبر الِاشْتِقَاق فِي الْأَسْمَاء
وأن يستنبط منها التعابير المناسبة، وذكر أنه رُبمَا أخْفى الله تَعَالَى التأويل في اشْتِقَاق الأسماء، وَقرر أن تفسير الأحلام بالأسماء من أصُول الرُّؤْيَا،
ثم أخذ يضربُ الأمثال على ذلك،
فَإِن السُّوسة: تدل على السوء،
وكما أَن الرياحين تدلّ على الرِّيَاء إذا رآها العالم،
قال: وَمن طلب حَاجَة، وَرَأى الياسمين: دلّ على الْإِيَاس،
ورؤيةُ الْفرج، لمن هُوَ فِي شدَّة: فَرج، وسرور،
كَمَا أَن لبس الْحَصِير، أَو الْجُلُوس عَلَيْهَا، لمن لَا يَلِيق بِهِ ذَلِك، دَال على الْحَسْرَة، والحصار، وَنَحْو ذَلِك.
ثم نبه المعبر على أنه ينبغي عليه أن يأخذ التعبير من كل الكلمة أو من جزء منها،
قال: فَتَارَة تَأْخُذ جَمِيع الْكَلِمَة كمن مَعَه عَصا وَهُوَ يُؤْذِي النَّاس بهَا بِغَيْر حق،
فَتَقول: هَذَا رجل عاصي لكَونه عصى بإساءته بِغَيْر حق.
وكمريض قدمت لَهُ دَوَاة، فَتَقول: جَاءَتْهُ الْعَافِيَة. لِأَن دواءه قد جَاءَهُ،
قال: وَتارَة يكون الِاشْتِقَاق من بعض الْكَلِمَة.
كَمَا قَالَ لي إِنْسَان كَأَنَّهُ وَقع على عَيْني عمامةٌ بَيْضَاء. فَقلت: يَقع بِعَيْنَيْك عماءُ، وَرُبمَا يكون من بَيَاض. فَكَانَ كَمَا قلت. لِأَن العمامة بَعْضهَا عَمَّا وأسقطنا الْبَاقِي. انتهى كلامه وقد قرر ذلك ابن القيم فقال:
وكان ﷺ يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة، كما رأى أنه وأصحابَه في دار عقبةَ بنِ رافع، فأُتوا برطبٍ من رطبِ ابن طاب، فأوله ﷺ بأن لهم الرفعةَ في الدنيا، والعاقبةَ في الآخرة، وأن الدينَ الذي قد اختارَه اللهُ لهم قد أرطبَ وطاب، وتأوَّلَ ﷺ سهولةَ أمرِهِم يومَ الحديبية من مجيء سُهيلِ بن عمرو إليه…